الخيانة الزوجية في المجتمع الموريتاني

سبت, 2015-03-21 20:51

ربما يجد الأمر أسبابه في ثقافة المجتمع الموريتاني المفتوح، الذي

        لا يحظر الاختلاط بين الجنسين، ولا يمنع الزيارة غير المبرمجة، ولا

        ولوج  بيت الصديق في غيابه، و لا يجعل حرجا في أن تتربع المرأة

        المتزوجة لتعد “شايا” لغير ذي محرم، و تتناول معه أطراف الأحاديث،

        من غير أن تثير ريبة أو إنكارا من أحد.. وهي الجلسة التي قد تؤول

        بالأمور إلى منعرجات شتى.

 

        الثقافة الإجتماعية الموريتانية تمنح الحق للمرأة في أن تبحث عن

        إعجاب الرجل، حتى ولو كانت متزوجة، فهي ببساطة “دَوَارتْ عز”.. كما أن

        الرجل هو أيضا محط إعجاب حين يكون “كَطّاع اكلايد”، حتى و لو كان

        متزوجا.. و المرأة أو الرجل المتزوج الذي يصُدّ معاكسة أو مغازلة

        سيوصف بعدم “الحروشية” و “اتنسوي”، فهو مجرد “درويش” أو “حرَيْمَه”.

 

 

        و لعل في شعر محمد ولد ابنُ ما يؤيد ذاك حين يقول:

 

        يلعكل أصبر ذمنآ شغاب                    لمريتك يحييهَ

        وعرف عنك لخظت غابْ                 عنهَ مانك لاكيهَ

        كبلَ راجلهَ فات غابْ          ءُخظت ال خاظ إجيهَ

 

        واليوم امنين الله رادْ          امجيه اعطِ لنصاف زادْ

        افعزتهَ لعت كادْ                لنصاف أخير افجيهَ

        ماه انكم كاع الاكدادْ                  انت حدك تبقيهَ

        و اصبِيهَ ما تنشافْ صاد           أعل جيهَ خاطيهَ

        ءُهو يول فات عادْ                   راجلهَ و بك بيهَ

 

        يغير اصبر حانيه تمْ             هو مالاه اتم فمْ

        امنين إغيب افيَم همْ             لاتبخل ش فمجيهَ

        هاذ اجيهَ هي اسكمْ                 ولا كوم اماسيهَ

        تم اعليهَ لاتنظلمْ                     فيه ءلاتظلم فيهَ

 

        وهكذا أيضا قصته مع غريمه ولد باي، الذي تركه في “خيمته” و تظاهر

        له بأنه ذهب يُدَبّر له ما يقضيه به ديونه (بقرة و ناقة).. فرَاقَ لولد

        ابنُ الخلوة بزوجة ولد باي الهارب بديون ولد ابن، فلما مكث ولد ابن

        شهرا يطارحها الغرام، قال طلعته المشهورة:

 

        الله اسلم ول بايْ     ال جان من هك جايْ

        ال فوت ايام رايْ      من منت الشيخ املاكَ

        والله مانبغِ كاع شايْ           اتليت افذ لخلاكَ

        فوت الفات امن اشهرْ            فالظحك المايتاكَ

        و اسوَ بالبكرَ كاع مرْ           عاكب ذاك ءُبالناكَ

 

        و قول الآخر في طلعته:

 

        كان امنع ذ الدهر اغلانَ  منِ راجلهَ بعدانَ

        واجلجت وريت الهانَ   ووسيت أني ما نبغيهَ

        خالك بعد اللي ملكان   بيه أيكد يصح فجيهَ

        ايكد يغيب مولانَ    راجلهَ وانتم انجيهَ

        و يكد املي زاد ايمل   منها ويكد يخليهَ

        و الدهو الا نوابات وكل   نوبه واللي يطرَ فيهَ

 

        الخيانة بالبحث عن الحب المصادر

 

        لقد ورث المجتمع المدني الجديد هذه العقلية التي لا يزال يحتفظ

        بالكثير من رواسبها.. فكانت سببا في تفشي الخيانة الزوجية بالإضافة

        لأسباب أخرى كثيرة، منها “الزواج المرتب”، حين أن أغلب

        الموريتانيين و الموريتانيات إنما يتزوجون في حيزهم القبلي، مما

        يجعل رقعة اختيار شريك الحياة بالغة الضيق.. و في الأغلب الأعم

        تختار الأسرة لبنتها أو ابنها الزواج الذي تراه مناسبا، وقد تكون

        جميع المعايير حاضرة

        عند الاختيار سوى “الحب”، وبذلك يكون الشريك حينها مجبرا على البحث

        عنه خارج إطار الزواج.

 

        هذا عن الخيانة بدافع البحث عن الفراغ الروحي.. البحث عن دفء

        الحب.. عن الحضن الرومانسي…

 يبرر المرء لنفسه هذه الخيانة لأنه يرى أنه مجبر على حياة

تعيسة، بضغط من الأسرة، لهذا يباح له أن يختلس لحظة فرح أو سعادة شاردة

 

        الخيانة المادية

 

        يمكن أن نطلق هذه التسمية على الذين يخونون بدافع البحث عن المال،

        و أغلبهم بطبيعة الحال، من النساء.. و هنالك نوعان من هذه الخيانة،

        يمكن رصدهما في المجتمع الموريتاني:

 

        – المرأة التي تتزوج حبيبها الفقير، الذي لا يوفر لها رخاء ماديا،

        فتكون مضطرة حينها للبحث عن عشيق، أو عن مغامرة عابرة، توفر منها

        بعض المال لقضاء حاجياتها..

 

        – المراة التي تتزوج الرجل الغني، الذي يوفر لها حاجياتها، غير أنه

        قد لا يسد لها الفراغ العاطفي الذي يخلفه عدم حبها له، فتكون مضطرة

        لخيانته مع “عشيق” يمنحها ما تفقده بين أحضان زوجها الغني.

 

        وفي هاتين الحالتين تحاول المرأة أن توفر تكاملا لحياتها الأسرية

        بالجمع بين حاجتها المادية من رجل و العاطفية من رجل آخر.. أو

        الجنسية، حيث تكون حاجتها في بعض الأحايين جنسية بحتة، كأن تكون

        الزوجة فتاة تجبرها ظروف الحياة على الزواج ممن يكبرها كثيرا، وذلك

بدافع مادي، فلا تتوفر معه على الإشباع الجنسي، الذي قد يعجز عنه

من هو في سنه.

وقد يندرج في هذا الإطار، الخيانة مع رب العمل.. حيث تجد المرأة

نفسها، مضطرة للرضوخ لإغراءات رب عملها بالتورط معه في علاقة

جنسية.. حين يبدو جليا أنها قد تفقد عملها الذي تحتاج له، إذا لم

ترضخ لنزواته. في بلد لا قوانين فيه تجرم التحرش و لا عقود فيه

للعمال تحفظ لهم حقوقهم.

الخيانة الجسدية

قد تجد المرأة في زوجها الحبيب الذي تشعر بالدفء في أحضانه، وقد

تجد فيه الأمان المادي من تقلبات الزمان.. غير أنها لا تجد لديه

الإشباع الكافي لرغبتها الجنسية، بسبب ضعفه، أو عدم خبرته في فنون

المباضعة، و هذا قد يدفع المرأة لأن تبحث عن ذلك السوبر مان الذي

سيوفر لجسدها ما افتقده في غرفة نومها..

و يختلف الأمر ما بين سيدة و أخرى، فمن النساء من لا يغريها جنسيا

إلا الرجل الذي تحب.. و منهن من يغريها الجسد الرجولي حتى و لو لم

تشعر بانجذاب عاطفي لصاحبه. و تلك هي المعنية أساسا بهذه المشكلة

في حلقتنا القادمة، سنحاول الحديث بشكل مفصل عن الخيانة الجسدية و

العاطفية… فتابعونا.