
إن للمترجم أن يكون محايدا بشكل مطلق. و قد تلاعب المترجمون العرب في المعاني و الألفاظ عند نقلهم للتجربة الغربية إلى العرب.
و من أمثلة التلاعب، ترجمة عبارة (Separation of Church and State) الواردة في تفسير الوثائق الدستورية الأميركية (لا توجد صراحة في الدستور) إلى (الفصل بين الدين و الدولة) بينما ترجمتها الصحيحة (الفصل بين الكنيسة و الدولة).
واضعو الدستور الأميركيين كانوا أشخاصا متدينين أو يحترمون الدين. و لكن بسبب كثرة الكنائس في زمنهم و لأن الكنيسة النصرانية مؤسسة تقوم على التراتبية و لأن التجربة الغربية عانت من تسلط الرهبان و رجال الدين على نظام الحكم و المجتمع فقد حسموا في أن الدولة لن تكون تابعة لكنيسة محددة و أن عليها أن تكون محايدة تجاه الترتيب و النظام الكنسي.
كان على المترجمين ترك العبارة كما هي (الفصل بين الكنيسة و الدولة). و لو أصروا على الحاجة إلى نقل الفكرة إلى السياق العربي الذي يغلب عليه الإسلام فقد كان عليهم أن يستخدموا العبارة التالية (الفصل بين المسجد و الدولة).
و لو فعلوا لأثاروا السخرية و الضحك. ففي الإسلام لم يتسلط المسجد على الدولة قط. فهو مكان للعبادة. و هو محايد فعلا، لم ترفع فيه قط صورة إمام و لا ملك. و لا يوجد في الإسلام رجال دين. و لا ترتيب لرجال الدين. و لا رهبنة. و لا تراتبية رسمية للعلماء و المفتين و الأئمة. الدين للجميع و الفرائض هي نفسها على العالم و الجاهل. و لا يأتي المسلم للمسجد إلا للصلاة و التعلم. و يمكنه إجراء كافة شؤون حياته الأخرى بعيدا عن المسجد.
ترجمة (الفصل بين الكنيسة و الدولة) إلى (الفصل بين الدين و الدولة) خيانة للترجمة و المعرفة. و يجب البدء في تصحيحها بالكف عن ترديدها. و جعل المسألة موضوع بحث أكاديمي متخصص.
نقلا عن صفحة أحمد القاري على لفيس بوك